الجمعة، 20 أغسطس 2021


 

هل نبيع العلم بالوهم

                                     حسين علي المصطفى

نبحث عن الأمل دائمًا في استيعاب أن نخلق شيئًا من التوازن فينا وتقليل الهوة بيننا وإن كنا مختلفين في الأفكار؛ فإنّ الاختلاف لا يعني بالضرورة أنّ الناس قد أصيبوا بالعمى، بل هذا صنع قوانين الله وسننه في الكون {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}.

 

من هنا، نتساءل دائمًا لماذا يغيب وعينا في مناسبات شهر محرم الحرام خاصة، ومناسبات أهل البيت عليهم السلام عامة، إزاء الأطروحات المختلفة؟ ولماذا يراد للمستمع تغييب عقله عن أن يكون حرًا في تشكيل قناعاته ومعتقده؟!

 

أليس هذا طعنًا للفطرة التي وهبها الله إياها للبشر {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}، أليس كل واحد من البشر مسؤولاً عن اختياره، وهل يتحمل علماء الدين عن البشر أجوبتهم أمام محكمة الله {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.

 

فلماذا إذًا يحاول البعض أن يتهم من يختلف معه بالخيانة والمروق عن الدين والإفساد في الأرض.. والإمام الصادق (ع) يستوحي من كتاب الله معنى رائعاً للحرية، فيقول: "إن الله فوّض إلى المؤمن أموره كلها، ولم يفوّض إليه أن يكون ذليلاً". فأنتَ لست حراً أن تذلَّ نفسك لأحد، وتحمل وعيك من خلال وعي الآخرين، من دون أن يكون لعقلك مكان في اختيارك، لأنّ عزتك هي جزء من إنسانيتك، ولأنّ عزتك هي وحي من معنى عبوديتك لله وحده ومن حريتك أمام العالم.

 

فلماذا يحاول البعض أن تغيب الثقافة والوعي في أذهان مجتمعاتنا؟!!

ولكن للأسف، فعوض أن توقظ التطورات العلمية فينا من إعمال النظر العقلي في الموجودات من أجل الوصول إلى الحقائق الوجودية.. ننكفئ ونرجع إلى الوراء نبحث في نصرنا الديني عما يقابل هذه النظريات الحديثة وهذا يعبّر عن أزمة حضارية بحيث نعوِّض العلم بالوهم والخرافة.

محرم 1447 في الصحافة الكويتية