**أهل الاختصاص هم مصاديق أولي الأمر**
يقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ
أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ
مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ
اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا}
(النساء: 83).
إنَّ هذا النص القرآني الكريم يشير
إلى أهمية المتخصص من بين الناس، فقد أوكلت الآية الشريفة الأمر إلى المتخصص، بعد
الله والرسول، فقالت الآية {وَأُولِي الْأَمْرِ
مِنْكُمْ} .. فـ{مِنْكُمْ} أي من وسطكم، وهم أصحاب الاختصاص في المجالات
المختلفة فلفظة (أولي) هي جمعٌ لـ(ذي)، بمعنى (صاحب الأمر)، وهو صاحب الاختصاص
والعلم بالأمر.
فالآية الكريمة تقول (للذين آمنوا)
أن يقبلوا بما يقرره الله تعالى والرسول وأصحاب الاختصاص منهم.
فكيف نطيع الله في وجود حالات مرض
متكرر كالذي نعيشه هذه الأيام؟!
إنَّ طاعتنا لله -هنا هي- بأن نؤكد
لأنفسنا بأنَّ هناك أمر مريب! وما نعرفه من قوانين الله تعالى تؤكد أنَّ هذه
الحالة غريبة ولا تحدث إلا بسبب وجود علة تكرر معها تفشي هذا المرض أو الوباء.
فإذا أردنا أن ننظر في كتاب الله
الكوني، كما علمنا به رسول الله (ص)، لا من خلال القضاء والقدر المتوهم لدينا، بل علينا
أن ندرس هذا الأمر دراسة علمية، وأن نطلق يد الخبراء في هذا المجال لكي يقوموا بفحوصاتهم
المخبرية اللازمة، وأن يشخّصوا أسباب هذا المرض، ويعطونا النتيجة.
وكلنا قد سمع من على المنبر أنَّ
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) عدل من حائط مائل إلى حائط آخر، فقيل له: يا
أمير المؤمنين أتفر من قضاء الله؟ فأجابه الإمام (ع): "أفر
من قضاء الله إلى قدر الله عز وجل" (التوحيد: ص 369).
فقبل 1400 سنة يخبرنا هذا الإمام
أن نأخذ بأسباب القضاء والقدر، وأنهما يخضعان للقوانين والنواميس الطبيعية، التي
من خلالهما يعيش الإنسان بأسبابه الطبيعية، فإذا كان القضاء هو الحكم، فالقدر هو
وضع الشيء في مكانه المناسب، وضمن الحدود التي تضمن تحقيق الغاية منه. وبعبارة
أخرى، هو القوانين والأنظمة التي أودعها الله في الكون.
ولذا نرى إصرار مراجعنا الكرام بشأن
وباء فيروس كورونا حيث أكدوا على إتباع إرشادات أهل الاختصاص واتباعهم، بل أشار
المرجع الديني الكبير الشيخ جعفر سبحاني حفظه الله "إنَّ نصائح الأطباء
لمكافحة الوباء حجة علينا نحن المراجع"..
نسأل الله أن يدفع هذا البلاء
بوعينا واتباعنا لإرشادات حكومتنا الرشيدة التي أخذت على عاتقها اتباع أصحاب
الاختصاص وتطبيقه لنجتاز هذه المحنة الكبيرة، والله ولي التوفيق.
حسين علي المصطفى
القطيف - المملكة العربية السعودية
15 / 3 / 2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق