الخميس، 22 أغسطس 2019


**حديث المباهلة**


{فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61].

معاني المفردات:


{أَبْنَاءنَا} الذين ولدوا منا، طبّقها النبي (ص) على الحسن والحسين (ع)، باعتبار أنهما ابناه. وقال أبو بكر الرازي: "هذه الآية دالة على أنّ الحسن والحسين (ع) ابنا رسول الله (ص)، وأنّ ولد الابنة ابن في الحقيقة". وقال الفخر الرازي: "هذه الآية دالة على أنّ الحسن والحسين (ع) كانا ابني رسول الله (ص) وعد أن يدعو أبناءه فدعا الحسن والحسين، فوجب أن يكونا ابنيه. ومما يؤكد هذا قوله تعالى في سورة الأنعام: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ} إلى قوله: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى} [الأنعام: 84] ومعلوم أنّ عيسى (ع) إنما انتسب إلى إبراهيم (ع) بالأم لا بالأب، فثبت أنّ ابن البنت قد يسمى ابناً والله أعلم".

{وَنِسَاءنَا} اللاتي ينتسبن إلينا، وقد أراد بها رسول الله (ص) من الناحية التطبيقية فاطمة الزهراء (ع) باتفاق المفسرين.

{وَأَنفُسَنَا} والمقصود بالكلمة: الذين يجسّدون الذات في معنى التمثل الحي لكل ما يمثله النبي من صفات روحية وأخلاقية وعملية، بحيث تكون الذات هي الذات، حتى لتكاد تكون هي في المعنى والصورة من الداخل، وقد طبّق النبي (ص) الأنفس على علي بن أبي طالب (ع)، فلا أحد يدّعي دخول غيره مع زوجته وولديه.

ولذا نلاحظ في بعض محاججات هارون الرشيد مع الإمام الكاظم (ع) أن سأله: لِمَ لا تنهون شيعتكم عن قولهم لكم يابن رسول الله، وأنتم وُلْدُ عليٍّ، وفاطمة إنَّما هي وعاء، والولد يُنسب إلى الأب لا إلى الأم؟!

فأجابه الكاظم (ع): "... أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى..}، فَمَن أبو عيسى؟".

فقال هارون: ليس له أبٌ، إنَّما خُلِق من كلام الله وروح القُدُس.

فقال (ع): "إنَّما أُلحقَ عيسى بذراري الأنبياء من قِبَل مريم، وأُلحقنا بذراري الأنبياء من قِبَل فاطمة (ع) لا من قِبَل عليٍّ (ع)".

فقال هارون: أحسنت أحسنت يا موسى زدني من مثله.

فقال (ع): "اجتمعت الأمة بَرُّها وفاجرها أنَّ حديث النجرانيّ حين دعاه النبيُّ (ص) إلى المباهلة، لم يكن في الكساء إلاَّ النبيُّ وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين، فقال الله تبارك وتعالى: {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ}. فكان تأويل (أبناءنا) الحسن والحسين، (ونساءنا) فاطمة، و(أنفسنا) عليّ بن أبي طالب".

فقال هارون: أحسنت.

مناسبة النزول:


ورد في قصة الحوار الذي أداره النبي محمد (ص) مع بعض النصارى من أهل الكتاب، أنّ النبي (ص) قد سلك مسلكاً جديداً في معالجة الموقف معهم بعد وصول الحوار إلى الطريق المسدود، وهو أسلوب المباهلة الذي حدثتنا عنه هذه الآية الكريمة.
وقصة هذه الآية تشرحها لنا عدة روايات قد تختلف في طولها وقصرها، ولكنها تتفق في الفكرة العامة التي نريد أن نستخلصها منها، ولذا فإننا سنكتفي بذكر واحدة منها، وهي رواية المحدث الجليل علي بن إبراهيم القمي التي رواها في تفسيره عن الإمام جعفر الصادق (ع)، قال: "إِنَّ نَصَارَى نَجْرَانَ لَمَّا وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَكَانَ سَيِّدُهُمْ الأهْتَمَ والعَاقِبَ وَالسَّيِّدَ، وَحَضَرَتْ صَلَوَاتُهُمْ، فَأَقْبَلُوا يَضْرِبُونَ الناقوسَ وَصَلُّوا، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ (ص): يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا فِي مَسْجِدِكَ؟! فَقَالَ: دَعَوْهُمْ. فَلَمَّا فَرَغُوا دَنَوْا مِنْ رَسُولِ اللهِ (ص) فَقَالُوا: إِلَامَ تَدْعُوَ؟ فَقَالَ: إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، وَأَنَّ عِيسَى (ع) عَبْدٌ مَخْلُوقٌ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيُحْدِثُ، قالُوا: فَمَنْ أَبُوهُ؟ فَنَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللهِ (ص) فَقَالَ: قُلْ لَهُمْ: مَا تَقُولُونَ فِي آدَمَ، أَكانَ عَبْداً مَخْلُوقاً يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيُحْدِثُ وَيَنْكِحُ؟ فَسَأَلَهُمْ النَّبِيُّ (ص) فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ: مَنْ أَبُوهُ، فبُهِتُوا. فَأَنْزَلَ اللهُ: {إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ} وَقَوْلِهِ: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ -إلى قوله- فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ} فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: فبَاهِلُوني، فَإِنْ كُنْتُ صَادِقاً أُنْزِلَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ كُنْتُ كَاذِباً أُنْزِلَتْ عَلَيَّ، فَقالُوا: أَنْصَفْتَ.

فَتَوَاعَدُوا لِلمُبَاهَلَةِ، فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى مَنَازِلِهِمْ قَالَ رُؤَسَاؤُهُم السَّيِّدُ والعاقبُ والأهتمُ: إِنْ بَاهَلَنَا بِقَومِه بَاهَلْنَاهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ نَبِيّاً، وَإِنْ بَاهَلَنَا بِأَهْلِ بَيْتِهِ خَاصَّةً لَمْ نُبَاهْلِهُ، فَإِنَّهُ لَا يُقْدِّمُ أَهْلَ بَيْتِهِ إِلَّا وَهُوَ صَادِقٌ. فَلَمَّا أَصْبَحُوا جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ (ص) وَمَعَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ G، فَقَالَ النَّصَارَى: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقِيلَ لَهُمْ: هَذَا ابْنُ عَمِّهِ وَوَصِيُّهُ وَخَتَنُهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَهَذِهِ ابْنَتُهُ فَاطِمَةُ، وَهَذَانِ ابْنَاهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، فَفَرِقُوا (فَزِعُوا) فَقالُوا لِرَسُولِ اللهِ (ص): نُعْطِيكَ الرِّضَا فاعْفِنَا مِنَ الْمُبَاهَلَةِ، فَصَالَحَهُمْ رَسُولُ اللهِ (ص) عَلَى الْجِزْيَةِ وَانْصَرَفُوا".

فالمباهلة ثابتة بالنص القرآني، وهي تدل على المنـزلة الكبرى لهم G، حيث قدَّمهم رسول الله (ص) للمباهلة بأمرٍ من الله سبحانه، باعتبار أنهم أقرب الناس إليه، ونحن نعلم أنّ القرب من النبي ليس ملاكه النسب وحده، ولكن بالفضائل التي يتميزون بها عند الله.

المباهلة وإظهار الحق:


بعد تأكيد دعائم الدولة الإسلامية أرسل الرسول (ص) إلى عدد  من الملوك والزعماء والقادة الدينيين يدعوهم إلى الإسلام، وفي هذا الإطار بعث (ص) برسالة إلى أساقفة نجران جاء فيها: "أما بعد فإني ادعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد، أدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد"..

ولما قرأ الأسقف الأكبر الرسالة، بعث إلى رجل من نجران اسمه شرحبيل بن وداعة وكان لبيباً، فدفع إليه الكتاب فقرأه فقال: "قد علمت وعد إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة، فما يؤمنك أن يكون هذا؟ فأرى أن ترسل وفداً للتحدث مع هذا الرجل والحوار معه".

فاتفق الرأي على إرسال وفد قوامه ثلاثون رجلاً من بينهم شرحبيل.

فانطلق القوم حتى أتوا رسول الله (ص) فدار معه حوار طويل، ولم ينته الحوار بين رسول الله ووفد نجران إلى نتيجة، فنزل القرآن على رسول الله (ص) موجهاً لطريقة حسم الحوار: {الْحَقُّ مِنْ رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ @ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}. فكانت الدعوة إلى المباهلة مع نصارى نجران.

وتعني (المباهلة) أن يجتمع المتجادلون في أمر ديني في مكان ما، عادةً ما يكون مفتوحاً على السماء أي غير مسقوف، أو في رحاب الصحراء ويتضرعون إلى الله أن يُظهر الحق، ويطرد من رحمته من لا يعرفه ولا يعبر عنه...

وقد عرض النبي (ص) عليهم هذا الاقتراح، وكان ما كان في طلبهم الأمان من الرسول (ص) ودفع الجزية له.

تأملات أمام الحدث:


لا تعتبر المباهلة حدثاً عادياً ويراد من خلالها تحقيق أمور عديدة:

1- حسم الحوار، الذي قد  لا يصل إلى نتيجة، بحيث لا ينعكس الخلاف سلباً على أرض الواقع فيؤدي إلى التشنج والعصبيات والحساسيات أو حتى إلى التقاتل، فيُترك الأمر  إلى الله سبحانه، ليصدر حكمه الواضح في الدنيا، كما يحكم تعالى في الآخرة، بما يساهم في إزالة كل النوازع الذاتية ما دام الأمر يتعلق بالجانب الديني، حيث يعمل الطرفان على وصول الحوار إلى نتيجة متفق عليها وعندما لا يتم ذلك، فإنهما يتركان الأمر لله سبحانه لأنه الحكم ولأنه المنطلق والهدف.
وقد عبّر الإمام الحسين (ع) عن هذه الصورة عندما قال: "لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي اصبر حتى يحكم الله بيني وبين القوم الظالمين".
فقد أشار (ع) إلى أنه يصبر إلى أن يصدر الحكم من الله تعالى فإليه يرجع الأمر كله.

2- كان الحرص في إعلان المباهلة على أن يتم في ظل اجتماع   الطرفين، لإزالة التوتر  بين المتحاورين وبين مجتمعاتهم أيضاً.. بحيث تزول من خلال ذلك كل الرواسب التي قد تحدث في داخل المجتمع المتنوع.

3- عندما تقام المباهلة، فإنّ الدعاء لله يحصل من الجميع بصوت واحد وقد جاء في القرآن الكريم: {ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}، بحيث يدعو الجميع أن يُخرج الله من رحمته كل مخالفٍ للحقيقة، عسى أن يفتح ذلك فرصة الخير في قلوب المعاندين، للاذعان إلى الحقيقة بعد رفضها.
حيث إنّ الجو المهيب الذي يحصل من خلال هذا الاجتماع، يفرض على الكاذب أن يفكر ملياً بما هو مقبلٌ عليه.
وإننا بحاجة إلى تأكيد المباهلة كعنصر إيجابي يساهم في إزالة النزاع من النفوس، وتفريغ السلبيات المكنونة فيها لتوضع عند الله عز وجل، فيحكم بين عباده وهو خير الحاكمين.

4- التركيز على أسلوب القرآن، فعندما تكون هناك مشكلة بينك وبين شخص آخر، فعليك في طريقة التعبير أن تساوي نفسك بالآخر، فعندما تتحدث -مثلاً- مع شخص يشك وأنت على يقين، ففي مجال الحوار ولأجل إيصاله إلى الحقيقة، حاول أن تُظهر نفسك بمظهر الشاكّ، أو إذا كانت هناك مباهلة فإنَّك في العادة تقول للطرف الآخر إذا كنت كاذباً فسيلعنك الله، في حين أنّ أسلوب القرآن يعلّمك أن تقول: سيلعن الله الكاذب منّا حتى لو كنت صادقاً.

ففي تفسير العياشي بإسناده عن محمد بن سعيد الأزدي، أنّ موسى بن محمد بن الرضا (ع) أخبره أن يحيى ابن أكثم كتب إليه يسأله عن مسائل: "أخبرني عن قول الله تبارك وتعالى: {فإن كُنتَ في شَكٍّ ممَّا أنزَلْنَا إليكَ فاسألِ الذينَ يقرأون الكتابَ مِن قَبْلِكَ}، مَن المخاطب بالآية؟ فإن كان المخاطب فيها النبي (ص)، أليس قد شك في ما أنزل الله؟ وإن كان المخاطب به غيره فعلى غيره إذاً أنزل الكتاب؟!

قال موسى: فسألت أخي (أي الهادي (ع)) عن ذلك، قال: "فأما قوله: {فإن كُنتَ في شَكٍّ ممَّا أنزَلْنَا إليكَ فاسألِ الذينَ يقرأون الكتابَ مِن قَبْلِكَ} فإنَّ المخاطب بذلك رسول الله (ص)، ولم يكُ في شك مما أنزل الله، ولكن قالت الجهلة: كيف لم يبعث إلينا نبياً من الملائكة، إنه لم يفرق بينه وبين نبيّه في الاستغناء في المأكل والمشرب والمشي في الأسواق.

فأوحى الله إلى نبيّه: {فاسألِ الذينَ يقرأون الكتابَ مِن قَبْلِكَ} بمحضر الجهلة: هل بعث الله رسولاً قبلك إلاَّ وهو يأكل الطعام ويشرب ويمشي في الأسواق، ولك بهم أسوة، وإنّما قال: فإن كنت في شك ولم يكن -أي لم يكن في شك- ولكن ليتبعهم كما قال: {فقُلْ تَعالَوا نَدْعُ أبنَاءَنا وأبْنَاءكُمْ ونِساءَنا ونِسَاءَكُمْ وأنفُسَنَا وأنفُسَكُمْ ثُمَّ نبْتَهِلْ فَنَجْعَل لعنَةَ الله على الكاذِبين}".

فكأنه يفرض النبي شاكّاً -وهو ليس بشاك- ويقول له كما هم شاكّون افترض أنك في موضع الشك، وذلك من أجل أن تجتذب هؤلاء لتحتجَّ عليهم بذلك، فالمباهلة تقتضي أن يفقد كل طرف صفته التي تميز بها.

ثم يقول الإمام الهادي (ع): "ولو قال: تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم، لم يكونوا يجيئون للمباهلة، وقد عرف أنّ نبيكم مؤدّ عنه رسالته، وما هو من الكاذبين، وكذلك عرف النبي (ص) أنه صادق في ما يقول، ولكن أحبّ أن ينصف من نفسه".

فالذي يستفيده الإمام الهادي (ع) من القرآن هو الأسلوب العلمي الذي يجعل الإنسان الذي يحاورك يقف معك بكلِّ قلب مفتوح، لأنك ساويت نفسك به وأعطيته النَصف من نفسك، وهذا تطبيق للآية الكريمة التي تقول: {وإنَّا أو إيَّاكُم لَعَلى هُدىً أو في ضَلالٍ مبينٍ}.

وفي نهاية عامنا هذا نسألك اللهم أن تجنبنا فتن الأهواء والعصبية ،  وأن  تُحَصِّنَ ثُغُورَنا بِعِزَّتِكَ ، وَأَيِّدْ حُماتَها بِقُوَّتِكَ ، وَأَسْبِغْ عَطاياهُمْ مِنْ جِدَتِكَ.

اَللّهُمَّ اشْغَلِ الْمُشْرِكينَ بِالْمُشْرِكينَ عَنْ تَناوُلِ أَطْرافِ الْمُسلِمينَ ، وَخُذْهُمْ بِالنَّقْصِ عَنْ تَنَقُّصِهِمْ ، وَثَبِّطْهُمْ بِالْفُرْقَةِ عَنِ الاِْحْتِشادِ عَلَيْهِمْ.

اَللّهُمَّ إِنّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِنْ مَظْلُوم ظُلِمَ بِحَضْرَتي فَلَمْ أَنْصُرْهُ، وَمِنْ مَعْرُوف أُسْدِىَ إِلَىَّ فَلَمْ أَشْكُرْهُ، وَمِنْ مُسيء اعْتَذَرَ إِلَىَّ فَلَمْ أَعْذِرْهُ، وَمِنْ ذي فاقَة سَأَلَني فَلَمْ أُوثِرْهُ، وَمِنْ حَقِّ ذي حَقٍّ لَزِمَني لِمُؤْمِن فَلَمْ أُوَفِّرْهُ، وَمِنْ عَيْبِ مُؤْمِن ظَهَرَ لي فَلَمْ أسْتُرْهُ، وَمِنْ كُلِّ إِثْم عَرَضَ لي فَلَمْ أَهْجُرْهُ.

فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاجْعَلْ نَدامَتي عَلى ما وَقَعْتُ فيهِ مِنَ الزَّلاّتِ، وَعَزْمي عَلى تَرْكِ ما يَعْرِضُ لي مِنَ السَّيِّئاتِ، تَوْبَةً تُوجِبُ لي مَحَبَّتَكَ يا مُحِبَّ التَوّابينَ.

اللَّهُمَ اغفِر لِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِنَات وَالمُسُلِمينَ وَالمُسلِماَت الأحيَاءِ مِنهُم والأموَات تَابِع اللهمَّ بَينَنَا وَبَينَهُم بالخيرات إنك مجيب الدعوات، إنك على كل شيء قدير.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

محرم 1447 في الصحافة الكويتية